تصعيد خطير في غرب كردفان وشمال دارفور: الدعم السريع تعلن السيطرة على "أم كدادة" وصدّ هجوم على "أم عدارة" وسط خسائر فادحة للجيش
مقدمة: نزيف لا يتوقف في غرب السودان
في خضم الحرب المستمرة التي تعصف بالسودان منذ أبريل 2023، أعلنت قوات الدعم السريع اليوم عن تطورين ميدانيين كبيرين على جبهتي غرب كردفان وشمال دارفور، مؤكدين بذلك اتساع رقعة المعارك وازدياد حدّتها.
ففي بيان رسمي، قالت القوات إنها صدّت هجومًا كبيرًا من الجيش السوداني على منطقة أم عدارة بولاية غرب كردفان، مكبّدة القوات المهاجِمة "مئات القتلى"، بحسب تعبير البيان، إلى جانب الاستيلاء على 18 مركبة قتالية مجهّزة بالكامل.
وفي تطور موازٍ، أعلنت قوات الدعم السريع عن سيطرتها الكاملة على اللواء 24 "أم كدادة" التابع للفرقة السادسة مشاة الفاشر، إضافة إلى إحكام السيطرة على محلية أم كدادة الاستراتيجية بولاية شمال دارفور، في ضربة جديدة لمواقع الجيش في الإقليم.
خريطة المعركة: لماذا "أم عدارة" و"أم كدادة"؟
1. أم عدارة - غرب كردفان: بوابة نحو كردفان الكبرى
تُعد منطقة أم عدارة من المواقع الحيوية في غرب كردفان، فهي نقطة ارتكاز مهمة للتحرك العسكري نحو مدن رئيسية مثل الفولة والمجلد، كما أنها تقع على مقربة من مناطق النفط الحيوية. السيطرة عليها تمثل تقدماً إستراتيجياً لقوات الجيش، لكن صدّ الهجوم من قبل الدعم السريع يعني الحفاظ على خط الدفاع المتقدم جنوب دارفور.
2. أم كدادة - شمال دارفور: طريق الفاشر الاستراتيجي
محلية أم كدادة، الواقعة شرق مدينة الفاشر، تعد معقلاً مهماً للجيش السوداني، وتشكل ممراً حيوياً لإمداداته إلى الفاشر وشمال دارفور. السيطرة عليها من قبل الدعم السريع تعني محاصرة الفاشر بشكل غير مباشر، وتضييق الخناق على الفرقة السادسة مشاة المتمركزة في المدينة.
تفاصيل الهجمات: من البيانات إلى الميدان
الهجوم على أم عدارة
المهاجم: الجيش السوداني.
المدافع: قوات الدعم السريع.
النتيجة: فشل الهجوم، مقتل "المئات" من عناصر الجيش حسب بيان الدعم السريع.
الغنائم: 18 مركبة قتالية مجهزة بالكامل.
الرسالة العسكرية: قوات الدعم السريع لا تزال تملك زمام المبادرة في غرب كردفان رغم محاولات الجيش للتقدم.
السيطرة على أم كدادة
الهدف: اللواء 24 مشاة – قيادة الفرقة السادسة.
النتيجة: سقوط اللواء بأكمله وسيطرة تامة على المحلية.
الآثار العسكرية: انكشاف دفاعات الجيش شرق الفاشر، وانهيار واحد من أهم خطوطه الخلفية.
الرسالة السياسية: تأكيد الدعم السريع على التمدد في دارفور رغم الضغوط الدولية.
الجيش السوداني: صمت حذر أم انتكاسة جديدة؟
حتى لحظة كتابة هذا المقال، لم يصدر أي بيان رسمي من الجيش السوداني يؤكد أو ينفي المزاعم التي أوردتها قوات الدعم السريع. لكن مصادر محلية من دارفور تحدثت عن سماع أصوات انفجارات ومعارك عنيفة في محيط أم كدادة وأطراف الفاشر، ما يعزز فرضية وقوع المعارك.
الجيش السوداني الذي يعاني من تشتت في القيادات الميدانية، وضعف في خطوط الإمداد، يواجه تحديات كبيرة في غرب السودان. سقوط أم كدادة، إن تأكد رسميًا، سيكون الضربة الأقوى للجيش منذ معركة نيالا.
المشهد الإنساني: نزوح جديد وأوضاع متدهورة
الاشتباكات العنيفة دفعت الآلاف من المدنيين إلى النزوح القسري، خاصة من محلية أم كدادة وقرى غرب كردفان. وتشير التقارير الإنسانية إلى:
تدمير واسع للبنية التحتية.
تزايد حالات القتل العشوائي والنهب المسلح.
انقطاع خدمات الاتصالات والكهرباء.
انعدام شبه تام للمساعدات الإنسانية.
ويأتي هذا التصعيد في وقت تعاني فيه دارفور وكردفان من أزمة إنسانية خانقة، مع نزوح أكثر من 6 ملايين شخص منذ اندلاع الحرب، بحسب الأمم المتحدة.
قراءة في السيناريوهات المحتملة
السيناريو الأول: التصعيد نحو الفاشر
إذا ثبتت سيطرة الدعم السريع على أم كدادة، فإن السيناريو الأقرب هو التقدم نحو مدينة الفاشر نفسها، بهدف السيطرة على الفرقة السادسة، وإكمال الهيمنة على شمال دارفور. وقد يؤدي ذلك إلى معركة كبرى في المدينة، قد تكون الأعنف منذ بداية الحرب.
السيناريو الثاني: الجيش يعيد الانتشار في كردفان
بعد فشل الهجوم على أم عدارة، قد يعيد الجيش تموضعه في غرب كردفان، مع تعزيز تمركزه في الأبيض والمجلد، تحضيرًا لهجوم مضاد. هذا السيناريو يتطلب دعمًا لوجستيًا وسياسيًا كبيرًا من حلفاء الجيش الإقليميين.
السيناريو الثالث: تدخل دولي عبر دارفور
مع ازدياد الانفلات الأمني والحديث عن انتهاكات جسيمة، قد يدفع المجتمع الدولي باتجاه فرض تدخل إنساني أممي في دارفور، أو على الأقل في شمالها، وهو ما يضع الدعم السريع في مواجهة جديدة مع المجتمع الدولي.
السيناريو الرابع: تجدد المفاوضات بضغط دولي
رغم التصعيد، تبقى احتمالية العودة إلى طاولة التفاوض قائمة، خاصة مع تحركات دبلوماسية متزايدة من الولايات المتحدة، الاتحاد الأفريقي، والإيغاد، لكن هذه المفاوضات مرهونة بوقف إطلاق نار فعلي، وهو ما يبدو بعيدًا في الأفق القريب.
ردود الفعل الدولية والمحلية
حتى الآن، لم تصدر مواقف واضحة من البعثات الدولية أو الدول الكبرى حول تطورات أم كدادة وأم عدارة. إلا أن محللين يرون أن سيطرة الدعم السريع على مواقع عسكرية كبيرة ستزيد الضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ موقف أكثر صرامة، خاصة مع تزايد البلاغات عن انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق التي تدخلها القوات المتحاربة.
خاتمة: إلى أين تتجه دارفور وكردفان؟
التصعيد الحالي يؤكد أن الحرب في السودان لم تصل بعد إلى أي أفق سياسي أو عسكري للحل. سيطرة قوات الدعم السريع على مواقع استراتيجية مثل أم كدادة، وفشل الجيش في التقدم نحو أم عدارة، يعكس ميزان قوى متحرك ومعقد، يصعب التنبؤ بنتائجه على المدى القريب.
في ظل هذا الواقع، تبقى المعاناة الأكبر من نصيب المدنيين العالقين بين نيران الحرب، والجوع، والنزوح. ومع استمرار غياب الحلول السياسية، تبدو دارفور وكردفان في طريقها لتكرار مشاهد كارثية من تاريخ السودان الحديث.
المصادر المعتمدة في المقال:
1. قناة الجزيرة الإخبارية – تغطية مستمرة لمعارك دارفور وكردفان.
https://www.aljazeera.net
2. هيئة الإذاعة البريطانية (BBC Arabic) – تقارير ميدانية وتحليلات من مناطق النزاع.
https://www.bbc.com/arabic
3. قناة الحدث – Al Hadath – تقارير عاجلة عن تطورات أم كدادة والفاشر.
https://www.alhadath.net
4. رويترز – Reuters Arabic – توثيق للتحركات العسكرية والتحليلات الدولية.
https://www.reuters.com/world/middle-east/
5. مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) – تحديثات النزوح الإنساني في دارفور وكردفان.
https:
//www.unhcr.org/ar
0 Comments