الفاشر – السودان بريف | SudanBrief
في واحدة من أبرز العمليات الإنسانية والأمنية التي يشهدها إقليم دارفور خلال السنوات الأخيرة، تتواصل لليوم الثالث على التوالي جهود قوات تحالف تأسيس في مدينة الفاشر ومحيطها، حيث تمكنت من إجلاء أكثر من 2500 نازح إلى مناطق أكثر أمانًا، في ظل تصاعد القتال داخل المدينة وضواحيها.
خلفية النزاع المتفاقم في الفاشر
مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تشهد منذ أسابيع توترًا متصاعدًا بسبب اشتباكات متقطعة بين قوات الدعم السريع من جهة، وقوات الجيش السوداني وبعض التشكيلات المحلية المسلحة من جهة أخرى. وقد أدى تصاعد العنف إلى تفاقم الوضع الإنساني، خصوصًا داخل مخيمات النازحين المكتظة مثل أبوشوك، زمزم، و السلام.
تقدر الأمم المتحدة أن عدد النازحين داخليًا في شمال دارفور يتجاوز مئات الآلاف، مع انهيار معظم الخدمات الأساسية ونقص في الغذاء والدواء.
"قوات تأسيس": مهمة مزدوجة بين القتال والإنقاذ
وفقًا للبيانات الصادرة عن قوات تحالف السودان التأسيسي، فقد نجحت فرقها العسكرية والإنسانية في إخلاء 2500 شخص خلال اليوم الثالث فقط من عمليات الإجلاء، ما يرفع عدد من تم إنقاذهم إلى قرابة 7,000 نازح خلال 72 ساعة.
وقال المتحدث باسم قوات تأسيس، في بيان رسمي، إن "العمليات تمت وفق خطط دقيقة راعت سلامة المدنيين وتجنبت الاشتباك المباشر، مع توفير ممرات آمنة للنساء والأطفال وكبار السن، وإيصالهم إلى مناطق بعيدة عن مرمى النيران".
الممرات الإنسانية: كسر الطوق الناري
أظهرت مشاهد مصوّرة حصلت عليها منصة "سودان بريف" قوافل من النازحين يُنقلون عبر عربات محمية تابعة لقوات تأسيس، وسط حراسة مشددة، نحو مناطق أكثر أمانًا في جنوب الفاشر ومنطقة "شقرة" الجبلية.
هذه الخطوة اعتُبرت استثنائية في ظل ما وصفته تقارير دولية بـ"شلل كامل" للجهود الإنسانية بسبب منع الوصول وإغلاق الطرق الرئيسية.
ردود فعل محلية ودولية
لقيت عمليات الإجلاء ترحيبًا واسعًا من قبل نشطاء حقوق الإنسان وعدد من منظمات المجتمع المدني. ووصفت شبكة حماية المدنيين في دارفور هذه الجهود بـ"النموذج الذي يجب أن يُحتذى في زمن تتخلى فيه كثير من الأطراف عن واجبها الإنساني".
من جهته، دعا التحالف السوداني للتغيير المدني المجتمع الدولي إلى دعم مثل هذه المبادرات عبر تقديم المساعدات اللوجستية والغذائية للمدنيين الذين تم إنقاذهم.
المدنيون: شهادات من قلب المأساة
في حديث مع سيدة نازحة تم إجلاؤها صباح اليوم من مخيم زمزم، قالت:
"كنا عايشين وسط الرصاص.. ما عارفين نلقاها من وين.. لحدي ما جات قوات تأسيس وفتحوا لينا الطريق.. أول مرة نحس بالأمان من سنة الحرب."
بينما تحدث رجل مسن تم نقله إلى مخيم مؤقت قائلاً:
"كانوا بيساعدونا نشيل شنطنا.. يدو الأطفال موية.. ويجوا يسألونا ناقصين شنو. دي مش بس قوات، ديل أولادنا."
مخاطر أمنية مستمرة وتحديات لوجستية
ورغم النجاحات النسبية، فإن التحديات لا تزال قائمة. حيث أشار مصدر ميداني إلى أن بعض المناطق المحيطة بالفاشر، مثل عد الغنم وكورما، ما زالت تحت تهديد دائم بقصف عشوائي من طائرات مسيّرة أو تحركات لمجموعات مسلحة.
ويضيف المصدر:
"نحن نشتغل ضد الزمن، وكل تأخير ممكن يؤدي لسقوط ضحايا جدد."
ما الذي يعنيه ذلك على الصعيد الاستراتيجي؟
تحركات قوات تأسيس في الفاشر، وإن كانت تحت غطاء إنساني، إلا أنها تحمل رسائل سياسية واستراتيجية هامة:
1. إثبات حضور فعلي على الأرض يختلف عن بقية الكيانات التي اكتفت بالإدانة.
2. كسب تعاطف شعبي واسع في دارفور وفي الوسط السوداني بشكل عام.
3. إعادة تعريف دور "الحركات المسلحة" من كونها أطراف نزاع إلى "قوى حماية مدنية" وهو تحول مهم في المشهد السياسي السوداني.
خاتمة: بصيص أمل وسط الركام
بينما تحترق الفاشر، وبينما تتصارع القوى على الحكم والسيطرة، يبرز وجه جديد للمقاومة — مقاومة إنسانية، تعيد المدنيين إلى واجهة الحدث، وتجعل "الناس البسطاء" هم الأولوية.
عمليات الإجلاء الجارية، رغم محدوديتها، تؤكد أن الإرادة لا تزال ممكنة، وأن الأمل لم ينطفئ تمامًا في ليل السودان الطويل.
---
كلمات مفتاحية (SEO Keywords):
قوات تحالف تأسيس
الفاشر
النازحين في دارفور
حماية المدنيين في السودان
الدعم السريع
الحرب في دارفور
مخيمات النزوح
عمليات الإجلاء الإنسانية
تحالف السودان التأسيسي
الأزمة السودانية
0 Comments