Advertisement

Responsive Advertisement

تبديل العملة في السودان: سلاح اقتصادي في صراع الجيش والدعم السريع وتأثيره على مستقبل الاقتصاد

 تبديل العملة في السودان:



 سلاح اقتصادي في صراع الجيش والدعم السريع وتأثيره على مستقبل الاقتصاد


في ظل استمرار الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، أصدرت الحكومة السودانية قرارًا بتبديل العملة، في خطوة تعكس تصعيدًا اقتصاديًا موازيًا للصراع العسكري. هذا القرار أثار تساؤلات عميقة حول أهدافه وتداعياته على الوضع الاقتصادي في البلاد المنقسمة فعليًا بين سلطتين متنافستين.


لماذا تلجأ الحكومة السودانية لتبديل العملة خلال النزاع؟


تبديل العملة خلال الحرب ليس مجرد إجراء نقدي بحت، بل هو أداة أمنية وسياسية تهدف الحكومة من خلالها إلى ضرب اقتصاد مناطق سيطرة قوات الدعم السريع. الهدف الأبرز هو تحجيم قدرة المعارضة على تمويل عملياتها العسكرية عبر جعل العملة القديمة عديمة القيمة داخل السوق الرسمية، وبالتالي سحب الكتلة النقدية من الأسواق غير الخاضعة لسلطة الحكومة وتقليص السيولة المتاحة لتمويل الحرب المضادة.


الأثر الاقتصادي في مناطق سيطرة الجيش السوداني


في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش، مثل العاصمة الخرطوم وبعض المدن الكبرى، تحاول الحكومة فرض العملة الجديدة كعملة قانونية وحيدة، ما يعزز سيطرتها النقدية. ورغم أن الهدف المعلن هو الحد من التضخم عبر ضبط الكتلة النقدية ومواجهة السوق الموازي، إلا أن هذا النجاح سيظل محدودًا ومؤقتًا في ظل استمرار النزاع المسلح وتجذر الانقسام السياسي.


ماذا يحدث في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع؟



في المقابل، رفضت مناطق سيطرة قوات الدعم السريع التعامل بالعملة الجديدة، وواصلت استخدام العملة القديمة، مع اعتماد متزايد على عملات أجنبية مثل الدولار أو الريال السعودي وحتى الذهب كوسيلة للتبادل. هذه الخطوة أدت إلى حالة من الازدواج النقدي، حيث بات السودان عمليًا مقسمًا إلى منطقتين اقتصاديتين لكل منهما نظام نقدي خاص، مما يعمق التجزئة الاقتصادية ويفرض تحديات كبيرة على التجارة الداخلية والتكامل الاقتصادي بين شمال البلاد وغربها ووسطها.


تداعيات الانقسام النقدي على السودان


هذا الانقسام النقدي سينتج عنه:


شلل في حركة التجارة الداخلية، خاصة في ظل تعطل سلاسل الإمداد.


زيادة نشاط السوق السوداء لتبادل العملات بين المنطقتين.


انهيار ثقة المواطنين في الجنيه السوداني سواء القديم أو الجديد، مما يدفع الكثيرين للبحث عن ملاذات نقدية آمنة مثل العملات الأجنبية أو الذهب.



تجارب مشابهة: ليبيا واليمن


ما يحدث في السودان اليوم يُعيد إلى الأذهان تجارب مشابهة مرت بها دول مثل ليبيا بعد عام 2014، عندما شهدت البلاد انقسامًا نقديًا بين الشرق والغرب، وكذلك تجربة اليمن مع تعدد العملات بين الحكومة الشرعية وسلطة الحوثيين. كل هذه النماذج تُظهر أن تبديل العملة أثناء النزاعات قد يُفاقم الأزمات الاقتصادية بدلاً من حلها، خاصة عندما يغيب الحل السياسي.


ختامًا


تبديل العملة في السودان قد يُنظر إليه كسلاح اقتصادي يهدف للضغط على قوات الدعم السريع، لكنه في ذات الوقت يزيد من معاناة المواطن السوداني الذي يواجه التضخم والانقسام النقدي وتفاقم الأزمة الإنسانية.

Post a Comment

0 Comments