Advertisement

Responsive Advertisement

الخرطوم تحترق، والسودان ينزف... متى نصحو لنبني وطننا؟

 آثار الحرب الأهلية في السودان: الخراب الشامل وأوهام الحرب



الخرطوم... المدينة التي اختنقت تحت أنقاض الحرب


في قلب العاصمة السودانية، الخرطوم، المشهد بات مرعبًا لا يُصدق: مدينة أشباح بلا ملامح، بلا روح. الحرب الأهلية الدامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع جعلت من الخرطوم مثالًا صارخًا على كيف يمكن لحرب عبثية أن تلتهم عاصمة بأكملها.



اليوم، الخرطوم مدينة بلا شوارع معبّدة، بلا سيارات، بلا مواصلات عامة. محطات الوقود مغلقة أو محترقة، شبكات المياه والكهرباء انهارت، أبراج الاتصالات صمتت للأبد. الأسواق الكبرى أُحرقت، الجامعات تحولت إلى ركام، المستشفيات فارغة من الأطباء والمعدات، والصيدليات مغلقة في وجه آلاف المرضى والجرحى.


اقتصاد السودان على شفا الانهيار


لم يكن الدمار محصورًا في البنية التحتية فقط؛ فقد امتدت نيران الحرب إلى الاقتصاد السوداني الذي كان يعاني أصلًا من هشاشة طويلة الأمد.


البنوك انهارت أو أغلقت أبوابها، ومعها تلاشت السيولة النقدية وانهارت الثقة في النظام المالي.




شركات التأمين والتجارة توقفت بالكامل، وانهارت الأسواق المحلية، حيث أصبح الحصول على سلع أساسية مثل الخبز أو الوقود مغامرة محفوفة بالمخاطر.


الاستثمار الأجنبي هرب، وقطاعات مثل الزراعة والصناعة دخلت في حالة شلل تام، ما أدى إلى تفاقم معدلات البطالة والفقر والجوع.


الجنيه السوداني فقد قيمته أمام الدولار والعملات الأجنبية بشكل غير مسبوق، ما زاد من معاناة المواطنين.



القطاع الصحي والتعليمي: ضحايا تحت القصف


المستشفيات دُمرت أو تحولت إلى ثكنات عسكرية، ما أدى إلى انهيار القطاع الصحي وعجزه عن علاج الضحايا.


الجامعات والمدارس مغلقة أو مدمّرة، تاركة ملايين الطلاب بلا تعليم، ما يهدد بجيل كامل محاصر بين الجهل والدمار.



دروس من دمار الخرطوم


الخرطوم اليوم ليست مجرد مدينة مدمرة؛ بل هي رمز لفشل الدولة السودانية في احتواء النزاع، وفشل النخب السياسية في الوصول إلى حل. من يرفض إعادة النظر في العلاقة الدولة مع دارفور وبقية الأقاليم اليوم، سيجد نفسه غدًا مجبرًا على ذلك تحت ضغط اضطرابات جديدة، ربما تكون أكثر قسوة ودموية.


الحديث عن سلام شكلي لم يعد يجدي نفعًا في ظل بلد مفلس، منهار، وغارق في أتون حرب لا رابح فيها.


متى يبدأ مسار السلام الحقيقي؟


استمرار الحرب يعني ببساطة مزيدًا من الخراب، الفقر، الجوع، والنزوح. ولن يجلب هذا الصراع سوى المزيد من الانقسام وتفكك ما تبقى من مؤسسات الدولة.


الحل الوحيد أمام السودانيين اليوم هو العودة إلى طاولة المفاوضات، والعمل الجاد على وقف إطلاق النار، ثم التمهيد لعملية سياسية شاملة تضع حدًا لنزيف الدم، وتبدأ في إعادة إعمار الخرطوم وباقي المدن المنكوبة.


ضرورة الاعتراف بالواقع


هذه الدولة، وفق معطيات الحاضر، انهارت فعليًا، وأي محاولة لإنكار ذلك هي مشاركة ضمنية في استمرار الكارثة. لا يمكن إعادة الحياة إلى السودان دون سلام حقيقي يعالج جذور الأزمة ويحقق العدالة الانتقالية وينهي الفساد المستشري في مفاصل الدولة.


ختامًا


الخرطوم اليوم تحترق تحت رماد أوهام دعاةالحرب ، ولن تُبعث من تحت الأنقاض إلا بإرادة سياسية جديدة تؤمن أن السلام أولًا... وأخيرًا هو الحل.



Post a Comment

0 Comments