Advertisement

Responsive Advertisement

السودان وخطة التهجير: بين مطرقة الانهيار وسندان الوعود الدولية

 هل خطة ترحيل الفلسطينيين إلى السودان قد تؤجج الصراع أم تعزز فرص السلام؟

السودان وخطة التهجير: بين مطرقة الانهيار وسندان الوعود الدولية


في خطوة مثيرة للجدل ووسط تصاعد الصراعين الإقليمي والدولي، كشفت وكالة "أسوشيتد برس" عن تحركات أمريكية وإسرائيلية تهدف إلى نقل الفلسطينيين المهجّرين من قطاع غزة إلى دول أفريقية، من بينها السودان، كجزء من خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لما بعد الحرب. هذا الاقتراح يثير تساؤلات جدية حول تأثيره المحتمل على الأوضاع الداخلية المتفجرة في السودان، الذي يعاني أصلاً من حرب أهلية معقدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، بالإضافة إلى أزمات إنسانية وسياسية خانقة.


السودان.. بلد على حافة الانهيار


قبل الحديث عن الأثر المحتمل لهذه الخطة على السودان، لا بد من الإشارة إلى أن البلاد تعيش، منذ أبريل 2023، واحدة من أكثر الحروب دموية في تاريخها الحديث، حيث تتصارع قوى عسكرية متنازعة على السلطة وسط انهيار شبه تام لمؤسسات الدولة وانفلات أمني خطير. آلاف القتلى وملايين النازحين داخلياً وخارجياً، وأزمة اقتصادية طاحنة تدفع المواطنين نحو هاوية الفقر والجوع. وفي ظل هذا الواقع، تبدو فكرة استضافة عشرات الآلاف أو حتى مئات الآلاف من الفلسطينيين المهجّرين كعبء إضافي قد يعقد المشهد المتأزم أصلاً.


هل يمكن أن تساهم في تعزيز الاستقرار؟


يدافع بعض المحللين عن فكرة أن تدفق اللاجئين الفلسطينيين قد يُستخدم كورقة تفاوض دولية لصالح الحكومة السودانية الحالية، خصوصاً مع العروض المتوقعة من الولايات المتحدة وإسرائيل، التي قد تشمل مساعدات اقتصادية، تخفيف الديون، دعم سياسي وعسكري، وربما رفع العزلة الدولية عن النظام السوداني. وإذا ما تم توظيف هذه العروض بحكمة، فقد تسهم في دفع عجلة التسوية بين أطراف النزاع السوداني، وتوفير تمويل يعزز جهود إعادة الإعمار وتهيئة بيئة سياسية أكثر استقراراً.


ولكن.. المخاطر أكبر من الوعود


في المقابل، يرى معظم الخبراء والمراقبين أن هذه الخطة تنطوي على مخاطر جمّة تهدد السودان وشعبه.

 أولاً، 

وجود لاجئين فلسطينيين قد يفتح جبهة جديدة من التوترات الداخلية في بلد يعاني من هشاشة النسيج الاجتماعي والتوازنات العرقية والإثنية الدقيقة.

 ثانياً،

 قد يُستغل هذا السيناريو من قبل جماعات متشددة أو قوى إقليمية تسعى لإطالة أمد الحرب الأهلية عبر تأجيج خطاب "رفض التوطين"، واتهام الحكومة بـ"بيع الأرض" لصالح أجندات خارجية.


سيناريوهات محتملة


تصعيد داخلي: 

قد تدفع هذه الخطوة بعض الفصائل أو القوى الشعبية السودانية إلى حمل السلاح أو تصعيد الاحتجاجات ضد أي محاولة لفرض توطين قسري للاجئين الفلسطينيين.


تدويل الصراع السوداني: 

دخول السودان كطرف مباشر في الخطة الأمريكية-الإسرائيلية قد يزيد من تعقيد علاقاته مع دول عربية وإسلامية ترفض مشروع تهجير الفلسطينيين، مما يهدد بتحول الصراع الداخلي إلى ساحة صراع إقليمي ودولي.


فرص تسوية مقابل تنازلات سيادية: قد تستخدم السلطات السودانية هذه الورقة للحصول على مكاسب دولية، لكنها في المقابل قد تخسر جزءاً من سيادتها وشرعيتها أمام الشارع السوداني.



كلمة أخيرة


القرار الذي سيُتخذ في هذا الملف الحساس قد يرسم مستقبل السودان لعقود قادمة. فهو إما أن يكون مدخلاً لتحولات اقتصادية وسياسية تُسهم في تهدئة الصراع وتحقيق نوع من الاستقرار، أو يصبح الشرارة التي تزيد من اشتعال الحرب الأهلية وتعقيد المشهد الداخلي.


وعلى القوى السودانية الفاعلة أن تتعامل مع هذه الخطة بوعي سياسي وطني، بعيداً عن ضغوط الأجندات الدولية، لأن ما هو مطروح لا يعني فقط مصير اللاجئين الفلسطينيين، بل يشمل مستقبل السودان برمته.



Post a Comment

0 Comments