Advertisement

Responsive Advertisement

"ضربات المسيرات في بورتسودان: صاعقة عسكرية تهز السودان وتكشف هشاشة الأمن"

الهجمات الدقيقة بالطائرات المسيرة على بورتسودان: تحول استراتيجي في الصراع السوداني

الهجمات الدقيقة بالطائرات المسيرة على بورتسودان: تحول استراتيجي في الصراع السوداني

بقلم: صحفي مستقل | تاريخ النشر: 6 مايو 2025

مقدمة

في صباح الأحد، 4 مايو 2025، استفاقت بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للسودان، على دوي انفجارات ناجمة عن هجمات دقيقة بطائرات مسيرة استهدفت مواقع استراتيجية، منها ميناء بورتسودان، مطارها الدولي، قاعدة فلامنجو العسكرية، والقاعدة الرئيسية للجيش وسط المدينة. هذه العمليات، التي نفذتها كتيبة صارس الاستراتيجية (SARS) التابعة لقوات الدعم السريع، لم تكن مجرد ضربات عسكرية، بل حملت رسالة واضحة: "لا توجد مناطق آمنة". في هذا التقرير، نستعرض الآثار العسكرية، السياسية، الاقتصادية، والإنسانية لهذه الهجمات، ونناقش دلالاتها على مستقبل الحرب الأهلية السودانية.

خلفية الصراع

اندلعت الحرب السودانية في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). بدأت كصراع على النفوذ، لكنها تحولت إلى حرب شاملة أودت بحياة أكثر من 20 ألف شخص وشردت 13 مليوناً، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة. بعد سيطرة قوات الدعم السريع على أجزاء من الخرطوم، أصبحت بورتسودان ملاذاً آمناً للحكومة، حيث انتقلت إليها المؤسسات الرسمية والمسؤولون الكبار.

تفاصيل الهجمات

بدأت العمليات في 4 مايو بهجوم بـ11 مسيرة انتحارية ومسيرة استراتيجية استهدفت قاعدة عثمان دقنة الجوية ومستودع بضائع قرب مطار بورتسودان. في اليوم التالي، استهدفت مسيرات مستودعات وقود، مما تسبب في حرائق هائلة. وفجر الثلاثاء، 6 مايو، تجددت الهجمات، مستهدفة محطة كهرباء ميناء بشائر 2، مستودعات شركة النيل للبترول، قاعدة فلامنجو، شقق مارينا، فندق كورال، وقصر الضيافة، إلى جانب القاعدة الرئيسية للجيش.

أفاد الجيش السوداني بإسقاط عدد من المسيرات، لكن الأضرار كانت كبيرة. في قاعدة عثمان دقنة، أصيب مخزن ذخائر، مما تسبب في انفجارات متفرقة. كما أدت الحرائق في مستودعات الوقود إلى انقطاع الكهرباء عن أجزاء من المدينة، مما زاد من معاناة السكان.

الآثار العسكرية

  • تعطيل مراكز القيادة: استهداف قاعدة فلامنجو والقاعدة الرئيسية للجيش يهدف إلى شل مراكز السيطرة اللوجستية، مما يُعيق تنسيق العمليات في شرق السودان.
  • ضعف الدفاعات الجوية: نجاح المسيرات في اختراق أنظمة الدفاع يكشف عن ثغرات في قدرات الجيش. رغم إسقاط بعض المسيرات، فإن استمرار الهجمات يُظهر محدودية التكنولوجيا الحالية.
  • توسيع نطاق العمليات: استهداف بورتسودان، التي كانت تُعتبر آمنة، يُبرز قدرة "صارس" على العمل بعيداً عن الجبهات التقليدية، مما يُجبر الجيش على إعادة توزيع قواته.
  • تطور تكتيكي: استخدام مسيرات انتحارية واستراتيجية يُشير إلى دعم خارجي محتمل، يشمل تدريباً أو إمدادات تقنية، مما يُعزز قدرات "صارس".

الآثار السياسية

  • رسالة إلى القيادة: الهجمات تُوجه تحذيراً للبرهان بأن قوات الدعم السريع قادرة على ضرب قلب مراكز السلطة. استهداف مواقع قرب فندق مارينا وقصر الضيافة يُحرج الحكومة أمام المسؤولين.
  • زعزعة الشرعية: بورتسودان رمز لاستمرارية الحكومة. الهجمات تُضعف ثقة المدنيين في قدرة الحكومة على توفير الأمن، مما قد يُعزز نفوذ الدعم السريع.
  • توترات إقليمية: اتهامات السودان للإمارات بدعم "صارس" أثارت جدلاً، خاصة بعد رفض محكمة العدل الدولية دعوى السودان. هذه الاتهامات قد تُفاقم التوترات مع دول الخليج.

الآثار الاقتصادية

  • تعطيل التجارة: ميناء بورتسودان هو بوابة السودان الاقتصادية. توقف العمليات في الميناء يُهدد بأزمة إمدادات، خاصة الوقود والغذاء.
  • أزمة الوقود: الحرائق في مستودعات شركة النيل للبترول تُنذر بنقص حاد في الوقود، مما يُفاقم التضخم ويُعيق النقل.
  • ارتفاع التكاليف: إصلاح الأضرار سيُكلف الحكومة مبالغ طائلة، في وقت تعاني فيه من اقتصاد منهار، مما قد يُجبرها على الاقتراض.

الآثار الإنسانية

  • تفاقم النزوح: بورتسودان تستضيف مئات الآلاف من النازحين. الهجمات تُهدد الأوضاع المعيشية، مما قد يدفع المزيد إلى الهجرة.
  • تعطيل الإغاثة: المدينة مركز لتنسيق المساعدات الدولية. تعليق الرحلات الجوية وانقطاع الكهرباء يُعيقان وصول الإغاثة.
  • الخوف وعدم الأمان: استهداف مواقع مدنية مثل شقق مارينا أثار الذعر، مما يُهدد الاستقرار الاجتماعي.

دلالات استراتيجية

الهجمات تُظهر تحولاً نوعياً في قدرات "صارس"، خاصة في الاستهداف الدقيق. هذا التطور قد يكون نتيجة دعم خارجي من دول لديها خبرة في تكنولوجيا المسيرات، مثل الإمارات أو إيران. نجاح الهجمات في بورتسودان يُرسل رسالة بأن الجيش لم يعد يملك ملاذات آمنة، مما يُعزز الروح المعنوية للدعم السريع. لكن هذا التصعيد قد يُؤدي إلى رد عسكري، مما يُوسع رقعة الصراع.

ردود الفعل الدولية

أدانت دول مثل مصر وقطر الهجمات، داعية إلى حماية البنية التحتية المدنية. الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وصف الهجمات بأنها "تطور خطير" يُهدد العمليات الإنسانية. اتهامات السودان للإمارات أثارت جدلاً، حيث رأى البعض أنها محاولة لصرف الانتباه عن فشل الجيش.

التحديات المستقبلية

  • تعزيز الدفاعات: الجيش بحاجة إلى أنظمة دفاع جوي متقدمة لمواجهة المسيرات.
  • الحل السياسي: التصعيد يُبرز الحاجة إلى تسوية سياسية لإنهاء الحرب.
  • إدارة الأزمة: يجب وضع خطط طوارئ لضمان استمرار الإغاثة.

الخاتمة

الهجمات على بورتسودان ليست مجرد ضربات عسكرية، بل نقطة تحول في الصراع السوداني. أظهرت "صارس" قدرات متقدمة، مما يُنذر بتصعيد خطير إذا لم يُحتوَ الوضع. الآثار المتعددة تُبرز الحاجة إلى حل سياسي عاجل. المجتمع الدولي مدعو لتكثيف الوساطة، بينما يتعين على الحكومة حماية مواطنيها. استمرار الحرب لن يُنتج سوى المزيد من المعاناة لشعب السودان.

Post a Comment

0 Comments