الخلافات بين المصباح وثوار ديسمبر: صراع على مستقبل السودان
بقلم: صحفي مستقل | 5 مايو 2025
في خطاب ألقاه "المصباح طلحة"، التابع للحركة الإسلامية بقيادة علي كرتي، في 4 مايو 2025، أثار جدلاً واسعاً بتصريحاته التي استهدفت ثوار ديسمبر ولجان المقاومة. وصفهم بـ"الشفع"، واستشهد بكتاب علي عثمان للحديث عن كتائب الظل، موجهاً تهديدات ضمنية. هذه التصريحات ليست مجرد استفزاز، بل تعكس صراعاً عميقاً بين الحركة الإسلامية، التي تسعى لاستعادة نفوذها، وشباب الثورة الذين أطاحوا بنظام عمر البشير في 2019. هذا المقال يحلل جذور الخلافات، أسبابها، وتداعياتها على مستقبل السودان.
خلفية الصراع: الحركة الإسلامية وثورة ديسمبر
الحركة الإسلامية، التي قادت نظام الإنقاذ منذ 1989، واجهت انهياراً سياسياً بعد ثورة ديسمبر 2019. الثورة، التي قادها شباب لجان المقاومة، أطاحت بالبشير وأنهت عقوداً من الحكم السلطوي. لكن الحركة لم تستسلم؛ فقد عملت على إعادة تنظيم صفوفها عبر أذرع مثل "المصباح"، وخلايا داخل الجيش والشرطة، وكتائب الظل السرية.
كتائب الظل، التي ارتبطت بقمع المظاهرات خلال الثورة وبعدها، أصبحت رمزاً للنظام القديم. تصريحات قادة الحركة، مثل نافع علي نافع، عن جاهزية هذه الكتائب، أثارت غضب الثوار. في المقابل، انضم بعض شباب الثورة إلى الجيش السوداني، لكنهم واجهوا استفزازات مستمرة من الحركة الإسلامية، التي رأت في الثورة تهديداً وجودياً.
خطاب المصباح: استفزاز وتهديد
في خطابه الأخير، وجه المصباح طلحة هجوماً لاذعاً على لجان المقاومة، واصفاً إياهم بـ"الشفع"، في محاولة للاستهزاء بدورهم الثوري. كما استشهد بكتاب علي عثمان، أحد قادة الحركة الإسلامية، لتأكيد دور كتائب الظل في مواجهة الثوار. الخطاب تضمن تهديدات ضمنية، حيث توعد المصباح شباب الثورة، مما أثار موجة غضب على منصات التواصل الاجتماعي.
هذا الخطاب يعكس استراتيجية الحركة الإسلامية في استهداف الثوار، سواء عبر التشويه الإعلامي أو التهديد المباشر. لكن لماذا يستمر هذا الصراع؟
جذور الخلافات
الخلافات بين المصباح، كتائب الظل، وثوار ديسمبر ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى صراعات أيديولوجية وسياسية عميقة:
- الأيديولوجيا: الحركة الإسلامية تسعى لفرض مشروعها الإسلاموي السلطوي، بينما يدافع ثوار ديسمبر عن رؤية علمانية ديمقراطية للسودان.
- كتائب الظل: هذه الوحدات، التي استخدمت لقمع الاحتجاجات، تُعتبر تهديداً مباشراً لمكتسبات الثورة. تصريحات قادة الحركة عن جاهزيتها زادت من التوتر.
- اختراق الجيش: انضمام بعض الثوار إلى الجيش خلق توترات داخلية، حيث حاولت الحركة الإسلامية التلاعب بالمؤسسة العسكرية عبر خلاياها.
- حملات التشويه: الحركة استخدمت أذرعاً مثل المصباح لتشويه سمعة الثوار، وتصويرهم كـ"فوضويين" أو "غير ناضجين".
هذه العوامل جعلت الخلافات ليست مجرد صراع شخصي، بل مواجهة على هوية السودان ومستقبله.
تداعيات الخلافات
تصريحات المصباح الأخيرة لها تداعيات خطيرة على الوضع في السودان:
- تصعيد التوتر: الخطاب قد يؤجج الاشتباكات بين الثوار والحركة الإسلامية، خاصة في ظل الحرب المستمرة التي دمرت البنية التحتية.
- استقطاب الجيش: وجود ثوار وخلايا إسلامية داخل الجيش يهدد بوحدة المؤسسة العسكرية، مما قد يعقد الوضع الأمني.
- تحدي المصالحة: الحركة الإسلامية تدعي السعي لـ"المصالحة"، لكن تصريحاتها الاستفزازية تؤكد أنها مناورة سياسية للعودة إلى السلطة.
في سياق الحرب العبثية التي بدأت في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، تزيد هذه الخلافات من تعقيد المشهد. الثوار، الذين يواجهون اتهامات بالخيانة من الحركة الإسلامية، يرون أنفسهم حماة مكتسبات الثورة.
ردود الفعل ومستقبل الصراع
لجان المقاومة ردت على خطاب المصباح عبر بيانات على منصات التواصل، واصفة إياه بـ"محاولة يائسة" لإحياء نظام الإنقاذ. كما دعا ناشطون إلى تصعيد الاحتجاجات ضد الحركة الإسلامية. في المقابل، تواصل الحركة حشد أنصارها عبر خطابات دينية وإعلامية.
مستقبل هذا الصراع يعتمد على عدة عوامل:
- دور الجيش: هل سيتمكن الجيش من الحفاظ على حياده، أم ستصبح ساحة للصراع بين الثوار والإسلاميين؟
- التعبئة الشعبية: قدرة لجان المقاومة على حشد الشارع ستحدد مدى تأثيرها في مواجهة الحركة الإسلامية.
- الوضع الإقليمي: التدخلات الخارجية، خاصة من دول تدعم الحركة الإسلامية، قد تعقد المشهد.
خاتمة
الخلافات بين المصباح، كتائب الظل، وثوار ديسمبر ليست مجرد نزاع سياسي، بل صراع وجودي على مستقبل السودان. خطاب المصباح الأخير، بما تضمنه من شتم وتهديد، يكشف عن استمرار الحركة الإسلامية في محاولاتها لاستعادة الن.ConcurrentHashMapوذ. لكن شباب الثورة، الذين أثبتوا قدرتهم على تغيير المعادلة في 2019، يبدون مصممين على الدفاع عن مكتسباتهم. في ظل حرب مدمرة وأزمة إنسانية، يبقى السؤال: هل يمكن للسودان تجاوز هذه الانقسامات نحو مستقبل ديمقراطي؟
المصادر
- تقرير "السودان اليوم"، "خطاب المصباح: استفزاز جديد لثوار ديسمبر"، 4 مايو 2025.
- بيان لجان المقاومة، منشور على منصة X، 4 مايو 2025.
- تحليل "مركز الخرطوم للدراسات السياسية"، "الحركة الإسلامية وكتائب الظل"، 2024.
- مقال "الجزيرة نت"، "ثورة ديسمبر: من الشارع إلى المؤسسات"، 2023.
- كتاب علي عثمان، "المشروع الإسلامي في السودان"، 2022.
0 Comments