Advertisement

Responsive Advertisement

"تحالفات الجيش السوداني: فصائل متشابكة ومستقبل على المحك"

تعدد واجهات الجيش السوداني: تحالفات هشة تهدد المستقبل

تعدد واجهات الجيش السوداني: تحالفات هشة تهدد المستقبل

في شوارع الخرطوم الممزقة بالحرب، حيث يتردد صدى القذائف وصرخات النازحين، يخوض الجيش السوداني معركة وجود ضد قوات الدعم السريع منذ أبريل 2023. لكن هذه الحرب ليست مجرد صراع بين قوتين عسكريتين، بل شبكة معقدة من التحالفات التي تجمع الجيش بفصائل مسلحة متنوعة، من قوات "درع السودان" إلى "كتيبة البراء بن مالك" والمقاومة الشعبية. هذه التحالفات، رغم أهميتها للجيش، تحمل بذور الفوضى والتقسيم. تصريح الفريق شمس الدين كباشي، نائب القائد العام، بأن "المشوار طويل ولا نريد تخويف الناس"، يكشف عن وعي بالتحديات، لكنه يعكس أيضاً صعوبة ضبط هذا التعدد في ظل انقسامات سياسية ومناطقية.

حلفاء الجيش: من هم؟

يعتمد الجيش السوداني على شبكة من الفصائل المسلحة لمواجهة قوات الدعم السريع، التي تسيطر على أجزاء واسعة من الخرطوم ودارفور. هذه الفصائل تشمل:

  • قوات درع السودان: بقيادة أبو عاقلة كيكل، برزت كقوة شمالية رئيسية في ولاية الجزيرة. كيكل، الذي تعهد بدمج قواته في الجيش بعد الحرب، يواجه اتهامات من قادة مثل جبريل إبراهيم بالسعي للسيطرة على موارد المشروع الزراعي.
  • كتيبة البراء بن مالك: مجموعة إسلامية مرتبطة بنظام البشير السابق، نشطة في الخرطوم. رغم شعبيتها المحلية، تثير اتهامات بجرائم حرب وتتلقى تسليحاً خارج سيطرة الجيش، مما يقلق قيادات مثل كباشي.
  • القوات المشتركة: تضم حركات دارفور المسلحة، مثل حركة العدل والمساواة (جبريل إبراهيم) وجيش تحرير السودان (مني أركو مناوي)، لكنها تشهد توترات مع قوات درع السودان.
  • قوات مالك عقار: يقودها نائب رئيس مجلس السيادة، وتدعم الجيش في النيل الأزرق والجنوب ضمن المحور الجنوبي.
  • المقاومة الشعبية: مجموعات شبابية ومدنية مسلحة، مثل كتائب سنار، ساهمت في صد هجمات الدعم السريع، لكن كباشي حذر من تسييسها.
  • فصائل أخرى: مثل الهجانة ولواء النخبة في كردفان، وفصائل شرق السودان التي قد تكتسب نفوذاً مستقبلياً.

مخاطر تعدد الواجهات: قنبلة موقوتة

تعدد الفصائل يشكل تهديداً استراتيجياً وسياسياً، حيث يحمل مخاطر جمة:

  1. الصراعات المناطقية: التوترات بين كيكل وجبريل إبراهيم حول موارد الجزيرة تهدد بتحويل الحرب إلى نزاعات مناطقية.
  2. ضعف السيطرة: كتيبة البراء وغيرها تعمل خارج إطار الجيش، مما يعزز نفوذ الإسلاميين ويكشف انقسامات داخل القيادة، حيث يدافع ياسر العطا عنهم بينما يحذر كباشي.
  3. الفوضى المسلحة: تسليح مجموعات دون تنظيم يهدد بتحويل السودان إلى ساحة فوضى، كما حذر تقرير أممي في يناير 2024.
  4. عودة النظام القديم: فصائل مثل كتيبة البراء تُستخدم لإعادة نفوذ البشير، مما يثير مخاوف القوى المدنية.
  5. إطالة الحرب: الفصائل المستقلة تعقد التوصل إلى سلام شامل.
  6. خطر التقسيم: تحليلات تشير إلى أن الحرب قد تكون جزءاً من "الفوضى الخلاقة" لتقسيم السودان.

"المشوار طويل ولا نريد تخويف الناس" – شمس الدين كباشي، مارس 2024

كباشي: محاولة لضبط الفوضى

في زيارة لسنار في مارس 2024، أكد كباشي أن الجيش يعترف فقط بالمقاومة الشعبية كواجهة دعم، محذراً من تسييس معسكرات التدريب أو سيطرة الإسلاميين. دعوته إلى "سيطرة أفضل" على فصائل مثل كتيبة البراء تعكس وعياً بالمخاطر، لكنها تكشف أيضاً عن تحديات داخلية في توحيد الفصائل تحت قيادة مركزية.

مستقبل السودان: بين الحرب والتفتت

في قرية نائية بولاية النيل الأبيض، يتجمع شباب المقاومة الشعبية حول مدفع قديم، يحلمون بتحرير بلادهم. لكن هذه الصورة البطولية تخفي واقعاً معقداً. تعدد واجهات الجيش، رغم أهميته العسكرية، يهدد بتفتيت السودان. تقرير لمركز كلينجنال في نوفمبر 2023 حذر من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى ظهور مناطق نفوذ تسيطر عليها ميليشيات محلية.

سياسياً، عودة نفوذ نظام البشير عبر فصائل إسلامية تثير قلق القوى المدنية مثل "تقدم"، التي تخشى إعادة إنتاج النظام القديم. الدعم الخارجي، مثل التقارير عن تدخل مصري أو إماراتي، يزيد من تعقيد المشهد.

خاتمة: نحو حل سياسي

تحالفات الجيش السوداني، من درع السودان إلى كتيبة البراء، تشكل سيفاً ذا حدين. فبينما تدعم الجيش في حربه، فإنها تحمل مخاطر الفوضى والتقسيم. تصريحات كباشي تعكس محاولة لضبط هذا التعدد، لكن النجاح يتطلب حلاً سياسياً شاملاً يشمل القوى المدنية ويؤسس لسودان موحد. في ظل استمرار الحرب، يبقى السؤال: هل سيتمكن السودان من تجاوز هذه الأزمة، أم أن شبح التفتت يلوح في الأفق؟

المصادر:

  • سودان تريبيون: "كباشي يحذر من تسييس المقاومة الشعبية"، مارس 2024.
  • تقرير الأمم المتحدة: "الوضع في السودان: مخاطر انتشار السلاح"، يناير 2024.
  • مركز كلينجنال: "الحرب في السودان: تحليل التحالفات المسلحة"، نوفمبر 2023.
  • بي بي سي عربية: "حلفاء الجيش السوداني: من هم وما دورهم؟"، أكتوبر 2023.
  • منشورات على منصة X حول كتيبة البراء ودرع السودان، 2023-2024.

Post a Comment

0 Comments