Advertisement

Responsive Advertisement

"نفي تسرب إشعاعي بالخرطوم: كشف الحقيقة وسط شائعات الحرب"

نفي تسرب إشعاعي وسط الخرطوم: الحقيقة خلف الشائعات

نفي تسرب إشعاعي وسط الخرطوم: الحقيقة خلف الشائعات

الخرطوم، 28 أبريل 2025

في خضم الاشتباكات العنيفة التي شهدتها العاصمة السودانية الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تصاعدت موجة من الشائعات المقلقة حول تسرب إشعاعي مزعوم من المركز القومي لعلاج الأورام، المعروف بـ"مستشفى الذرة". هذه الادعاءات، التي روجتها منصات التواصل الاجتماعي، زعمت أن التسرب تسبب في وفيات جماعية وشكل خطرًا على السكان. لكن بيانًا رسميًا من مدير المركز، دفع الله أبو إدريس، نفى هذه الروايات، مؤكدًا أن فحوصات دقيقة أثبتت عدم وجود أي تسرب إشعاعي.

سياق الصراع ونشأة الشائعة

منذ أبريل 2023، تعيش الخرطوم حالة من الفوضى جراء النزاع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وفي مارس 2025، شن الجيش عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على مناطق استراتيجية وسط العاصمة، بما في ذلك حي المستشفيات الذي يضم مستشفى الذرة. هذا المركز، الذي يحتوي على معدات إشعاعية حساسة، تحول إلى نقطة محورية في الاشتباكات، مما أثار مخاوف بشأن سلامة الموقع.

مع تحرير المنطقة، بدأت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تزعم حدوث تسرب إشعاعي أدى إلى مقتل العشرات من مقاتلي الدعم السريع. وتضمنت هذه المنشورات تحذيرات من الاقتراب من المنطقة، مما أثار ذعرًا واسعًا بين السكان. لكن هذه الادعاءات افتقرت إلى أدلة موثوقة، مما دفع السلطات إلى التحرك السريع لتوضيح الحقيقة.

البيان الرسمي: لا تسرب إشعاعي

في 27 أبريل 2025، أصدر دفع الله أبو إدريس بيانًا رسميًا نفى فيه بشكل قاطع حدوث أي تسرب إشعاعي من مستشفى الذرة. وأكد أن فرقًا فنية متخصصة في السلامة الإشعاعية أجرت فحوصات شاملة للموقع بعد تحريره، مستخدمة أجهزة متطورة لقياس مستويات الإشعاع.

وأوضح البيان أن النتائج أثبتت خلو المستشفى والمناطق المحيطة من أي تسريبات إشعاعية. كما أشار أبو إدريس إلى أن الأجهزة الإشعاعية بالمستشفى لا تزال آمنة، رغم الأضرار المادية التي لحقت بالمبنى جراء الاشتباكات. وأكد أن الوفيات المسجلة في محيط المستشفى نجمت عن المواجهات العسكرية المباشرة، وليس عن أي حادث إشعاعي.

دعوة لمواجهة الشائعات

حذر مدير المركز من خطورة الشائعات، واصفًا إياها بأنها "مغرضة" وتهدف إلى زعزعة الاستقرار. ودعا المواطنين إلى الاعتماد على المصادر الرسمية والتجاهل التام للأخبار غير الموثقة. كما أكدت السلطات أنها ستتخذ إجراءات قانونية ضد مروجي هذه الادعاءات، بهدف الحد من انتشار المعلومات المضللة.

وفي سياق متصل، طمأن المسؤولون السكان بأن الوضع في المنطقة آمن من الناحية الإشعاعية، مع التأكيد على استمرار جهود تأمين المستشفى وحماية معداته الحساسة.

لماذا تنتشر الشائعات في زمن الحرب؟

تُعد شائعة التسرب الإشعاعي جزءًا من ظاهرة أوسع تشهدها السودان منذ بدء النزاع. ففي ظل انقطاع الاتصالات وغياب المعلومات الرسمية، تجد الأخبار المغلوطة أرضًا خصبة للانتشار. وفي حالة مستشفى الذرة، ساهمت عدة عوامل في تصاعد الشائعة:

  • حساسية الموقع: وجود معدات إشعاعية جعل المستشفى هدفًا للروايات المبالغ فيها.
  • الفراغ الإعلامي: التأخير في الرد الرسمي سمح للشائعات بالانتشار بسرعة.
  • الاستقطاب السياسي: استخدمت بعض الأطراف الشائعة لخدمة أجندات عسكرية وسياسية.

ويرى محللون أن مثل هذه الشائعات لا تقتصر على إثارة الذعر، بل قد تعرقل جهود إعادة الاستقرار، مثل عودة السكان إلى مناطقهم أو وصول المساعدات الإنسانية.

تأثير الحرب على القطاع الصحي

يُعد مستشفى الذرة واحدًا من عشرات المرافق الصحية التي تضررت جراء الحرب. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 70% من المستشفيات في مناطق النزاع، بما في ذلك الخرطوم، أصبحت غير قادرة على تقديم الخدمات بشكل كامل. وقد أدى استهداف المنشآت الطبية إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث يعاني المرضى من نقص الرعاية الأساسية.

بالنسبة لمستشفى الذرة، كان توقفه كارثيًا لآلاف المرضى الذين يعتمدون عليه لتلقي العلاج الإشعاعي والكيميائي. ومع تحرير المنطقة، تعمل إدارة المركز على تقييم الأضرار ووضع خطة لاستئناف العمل، رغم التحديات الأمنية واللوجستية.

دروس من الأزمة

تُبرز هذه الحادثة الحاجة إلى تحسين التواصل الرسمي في أوقات الأزمات. فالاستجابة السريعة والشفافة للشائعات يمكن أن تحد من تأثيرها السلبي. كما تؤكد الحادثة على أهمية حماية المنشآت الحيوية من الاستهداف العسكري، وضرورة وضع خطط طوارئ لضمان سلامة المعدات الحساسة في مناطق النزاع.

علاوة على ذلك، تُظهر الحادثة خطورة المعلومات المضللة في زمن الحرب، حيث يمكن أن تُفاقم معاناة المدنيين وتُعيق جهود الإغاثة. ومن هنا، يصبح دور الإعلام الرسمي والمجتمع المدني حاسمًا في مواجهة هذه التحديات.

نحو مستقبل أفضل

يُعد نفي تسرب إشعاعي من مستشفى الذرة خطوة إيجابية لتهدئة مخاوف السكان واستعادة الثقة في المؤسسات. لكن هذه الحادثة تُذكرنا بالتحديات الهائلة التي يواجهها السودان في ظل استمرار الصراع. فالمدنيون، الذين يتحملون وطأة الحرب، يعانون ليس فقط من العنف المباشر، بل أيضًا من الشائعات التي تُعمّق شعورهم بعدم الأمان.

ومع استمرار الاشتباكات، يبقى الأمل معلقًا على جهود السلام التي يمكن أن تضع حدًا لهذا الصراع. فإنهاء الحرب ليس فقط ضرورة لإنقاذ الأرواح، بل أيضًا خطوة حاسمة لإعادة بناء القطاع الصحي واستعادة الاستقرار في السودان. وحتى ذلك الحين، يظل الصمود السوداني وقدرته على مواجهة الشائعات والتحديات مصدر إلهام في وجه الأزمات.

Post a Comment

0 Comments