Advertisement

Responsive Advertisement

"عودة 165 ألف سوداني من مصر: رحلة الأمل وسط تحديات الأزمة السودانية"

عودة 165 ألف سوداني من مصر: رؤية تحليلية لدور منظمة الهجرة الدولية

عودة 165 ألف سوداني من مصر: رؤية تحليلية لدور منظمة الهجرة الدولية

في سياق الأزمة السودانية المستمرة منذ أبريل 2023، سجلت منظمة الهجرة الدولية (IOM) عودة حوالي 165,330 سودانيًا من مصر بحلول نهاية أبريل 2025، بزيادة قدرها 49,800 فرد خلال هذا الشهر وحده. هذه الأرقام تعكس تحولًا كبيرًا في ديناميكيات الهجرة والعودة، مدفوعًا بتحسن الأوضاع الأمنية في بعض المناطق السودانية مثل الخرطوم والجزيرة، إلى جانب التحديات الاقتصادية والقانونية التي يواجهها المهاجرون في مصر. في هذا المقال، نستعرض أبعاد هذه العودة، دور منظمة الهجرة الدولية في تتبعها ودعمها، والتحديات التي تواجه العائدين، مع تقديم تحليل شامل للسياق والتوقعات المستقبلية.

خلفية الأزمة السودانية والهجرة إلى مصر

منذ اندلاع الصراع في السودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، شهد البلاد نزوحًا هائلًا داخليًا وخارجيًا. وفقًا لتقارير منظمة الهجرة الدولية، فر حوالي 4 ملايين سوداني إلى دول الجوار، منهم 1.5 مليون إلى مصر، التي أصبحت وجهة رئيسية بسبب القرب الجغرافي والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك، واجه المهاجرون في مصر تحديات كبيرة، بما في ذلك ارتفاع تكاليف المعيشة، القيود القانونية على الإقامة، وصعوبات الوصول إلى فرص العمل، مما دفع العديد إلى اتخاذ قرار العودة.

في هذا السياق، لعبت منظمة الهجرة الدولية دورًا حيويًا في تتبع حركات النزوح والعودة، من خلال منصة تتبع النزوح (DTM) التي توفر بيانات دقيقة ومحدثة. كما ساهمت المنظمة في تقديم الدعم اللوجستي والإنساني للعائدين، بالتعاون مع السلطات المصرية والسودانية.

تفاصيل عودة السودانيين في أبريل 2025

وفقًا لتقرير نشرته "سودان تربيون" في 28 أبريل 2025، استنادًا إلى بيانات منظمة الهجرة الدولية، عاد 49,800 سوداني من مصر خلال أبريل 2025، مما رفع الإجمالي إلى 165,330 فردًا. هذا الرقم يمثل زيادة كبيرة مقارنة بالأشهر السابقة، حيث سجل مارس 2025 عودة 20,216 فردًا، بينما بلغ إجمالي العائدين في عام 2024 حوالي 42,418 فردًا فقط. وفي الربع الأول من 2025، عاد 122,912 شخصًا، مما يعكس تسارعًا ملحوظًا في وتيرة العودة.

تتركز العودة بشكل رئيسي في ولايتي الخرطوم والجزيرة، حيث عاد 71% من العائدين (حوالي 117,384 فردًا) إلى الخرطوم، و22% (حوالي 36,372 فردًا) إلى الجزيرة. هذا التوزيع يعكس تحسن الأوضاع الأمنية في هذه المناطق، خاصة بعد سيطرة الجيش السوداني على أجزاء من الخرطوم وسنار والجزيرة، كما أشارت تقارير إخبارية حديثة.

من الناحية اللوجستية، شكل معبر أشكيت البري النقطة الرئيسية للعبور، حيث عبر منه 135,308 فردًا (82% من الإجمالي)، بينما عبر 30,022 فردًا من معبر أرقين. هذه الأرقام تسلط الضوء على أهمية المعابر البرية في تسهيل حركة العودة، وتؤكد الحاجة إلى دعم هذه المعابر بالموارد اللازمة.

دور منظمة الهجرة الدولية

منظمة الهجرة الدولية لعبت دورًا مركزيًا في رصد وتسجيل حركات العودة، من خلال تقاريرها الدورية ومنصة تتبع النزوح. توفر المنظمة بيانات دقيقة حول أعداد العائدين، وجهاتهم، والتحديات التي يواجهونها، مما يساعد في تخطيط الاستجابات الإنسانية. على سبيل المثال، أشارت المنظمة إلى أن المتوسط الشهري للعائدين في 2025 بلغ حوالي 30,700 فرد، مقارنة بـ 3,500 في 2024، مما يعكس زيادة كبيرة في الحركة.

إلى جانب التتبع، تقدم المنظمة دعمًا مباشرًا للعائدين، بما في ذلك المساعدات الإنسانية، الدعم الطبي، وتسهيل التنقل عبر المعابر. كما تعمل المنظمة بالتعاون مع السلطات المصرية والسودانية لضمان عودة آمنة ومنظمة، مع التركيز على حماية الفئات الضعيفة مثل النساء والأطفال.

التحديات التي تواجه العائدين

على الرغم من الزيادة في أعداد العائدين، تواجه هذه العملية تحديات كبيرة. أولاً، لا تزال بعض المناطق في السودان تشهد نزاعات متقطعة، مما يثير مخاوف بشأن سلامة العائدين. ثانيًا، يواجه العائدون صعوبات اقتصادية، حيث دمر الصراع البنية التحتية والخدمات الأساسية في العديد من المناطق. ثالثًا، هناك حاجة إلى دعم طويل الأمد لإعادة الإدماج، بما في ذلك توفير السكن، فرص العمل، والخدمات الصحية والتعليمية.

في مصر، ساهمت الضغوط الاقتصادية، مثل ارتفاع تكاليف المعيشة وتشديد القيود على الإقامة، في دفع العديد من السودانيين للعودة. تقرير نشرته BBC News عربي في أغسطس 2024 أشار إلى أن هذه الضغوط دفعت بعض المهاجرين إلى اتخاذ قرارات صعبة، بما في ذلك العودة إلى مناطق قد لا تزال غير آمنة تمامًا.

السياق الإحصائي والاتجاهات المستقبلية

توفر البيانات الإحصائية صورة واضحة عن حجم الحركة. فيما يلي جدول يلخص الأرقام الرئيسية:

المعلومة الرقم
العائدون في أبريل 2025 49,800
الإجمالي حتى أبريل 2025 165,330
العائدون في مارس 2025 20,216
العائدون في 2024 42,418
العائدون في الربع الأول 2025 122,912
نسبة العودة إلى الخرطوم 71%
نسبة العودة إلى الجزيرة 22%
المتوسط الشهري في 2025 ~30,700

من المتوقع أن تستمر أعداد العائدين في الارتفاع خلال الأشهر القادمة، خاصة إذا استمر تحسن الأوضاع الأمنية. منظمة الهجرة الدولية تتوقع عودة مئات الآلاف في الأشهر الستة المقبلة، بشرط توفر الدعم اللوجستي والإنساني. ومع ذلك، يظل الاستقرار طويل الأمد في السودان شرطًا أساسيًا لضمان عودة مستدامة.

تحليل الدوافع والآثار

تتعدد الدوافع وراء العودة، وتشمل تحسن الأوضاع الأمنية في مناطق مثل الخرطوم، الضغوط الاقتصادية في مصر، ومبادرات تسهيل العودة من قبل السلطات السودانية، مثل تخفيف الإجراءات في السفارة السودانية بالقاهرة، كما أشارت تقارير الجزيرة نت في أكتوبر 2024. من ناحية أخرى، قد تؤدي العودة الجماعية إلى ضغوط على الموارد في السودان، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص الخدمات.

من منظور إنساني، تسلط هذه الحركة الضوء على أهمية التنسيق الدولي لدعم العائدين. تقارير منظمات مثل Amnesty International في يوليو 2023 شددت على ضرورة توفير ممرات آمنة ودعم شامل للعائدين، وهو ما تسعى منظمة الهجرة الدولية لتحقيقه من خلال برامجها.

الخاتمة

تمثل عودة 165,330 سودانيًا من مصر بحلول أبريل 2025 مؤشرًا على تحولات مهمة في الأزمة السودانية. منظمة الهجرة الدولية لعبت دورًا محوريًا في تتبع هذه الحركة ودعمها، لكن التحديات المستمرة تتطلب جهودًا دولية منسقة لضمان عودة آمنة ومستدامة. مع استمرار تحسن الأوضاع الأمنية، قد نشهد المزيد من العودة، مما يستدعي تعزيز الدعم الإنساني وإعادة الإعمار في السودان. هذه الحركة ليست مجرد أرقام، بل قصص أفراد يسعون لاستعادة حياتهم في وطنهم.

المصادر:

Post a Comment

0 Comments