مقدمة:
يعيش السودان واحدة من أعقد الأزمات السياسية في تاريخه الحديث، إذ تتشابك العوامل الداخلية والإقليمية والدولية لتنتج واقعاً هشاً يهدد استقرار البلاد ومستقبلها السياسي والاقتصادي. ومنذ اندلاع الثورة السودانية في ديسمبر 2018، ظل السودان في حالة من المد والجزر بين قوى مدنية وعسكرية تسعى كل منها إلى فرض رؤيتها على خارطة البلاد.
جذور الأزمة:
ترجع جذور الأزمة إلى عقود من الحكم الشمولي والاستبداد، حيث قاد نظام الإنقاذ بقيادة عمر البشير البلاد نحو عزلة دولية، وانهيار اقتصادي، وصراعات أهلية متعددة. وعقب الإطاحة بالبشير، برزت خلافات عميقة بين المكونين المدني والعسكري حول كيفية إدارة المرحلة الانتقالية، وتحقيق العدالة الانتقالية، وإصلاح القطاع الأمني.
التدخلات الإقليمية والدولية:
تفاقمت الأزمة مع دخول أطراف إقليمية ودولية على خط الصراع، حيث دعمت بعض الدول العربية والأفريقية أطرافاً بعينها لضمان نفوذها الاستراتيجي في السودان، خاصة في ظل موقعه الجغرافي الحساس على البحر الأحمر، وحدوده مع دول تعاني من النزاعات كإثيوبيا وجنوب السودان وليبيا وتشاد.
الآثار الاقتصادية والإنسانية:
ألقت الأزمة السياسية بظلالها على الاقتصاد السوداني، حيث تفاقمت معدلات التضخم، وانهارت العملة الوطنية، وانتشرت البطالة وسط الشباب. كما يعاني ملايين المواطنين من نقص في الغذاء والدواء، وتزايد عدد النازحين داخلياً، مع تراجع الاستثمارات الأجنبية وتوقف الدعم الدولي.
أفق الحل:
يتمثل الحل في العودة إلى طاولة الحوار الوطني الشامل الذي يضم جميع مكونات المجتمع السوداني دون إقصاء، مع الالتزام بخارطة طريق متفق عليها تؤسس لدولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتضمن التداول السلمي للسلطة.
خاتمة:
رغم تعقيدات المشهد السوداني، تظل الإرادة الشعبية هي العامل الحاسم في رسم مستقبل البلاد، إذ يواصل السودانيون نضالهم من أجل بناء وطن يسوده السلام، والعدالة، والحرية.
0 Comments